العائدون من بلدان اللجوء إلى السعودية: قصص حقيقية أم مفبركة؟

الثقافة العامة المرتبطة بمواضيع اللجوء
صورة العضو الشخصية

كاتب الموضوع
admin
Site Admin
مشاركات في هذا الموضوع: 1
مشاركات: 5013
اشترك في: منذ 7 سنوات
كسبت: Locked
المكان: ****
تلقّى لايكات: 784 مرة
الجنس:
اتصال:

العائدون من بلدان اللجوء إلى السعودية: قصص حقيقية أم مفبركة؟

1#

مشاركة بواسطة admin » منذ 1 سنة

حتى اللاجئين السوريين هناك نسبة منهم تعود إلى سوريا وسط الحرب و الصواريخ. فكل جنسية توجد نسبة من لاجئيها يعودون إلى الوطن.

فقصص اللاجئين السعوديين الذين يعودون إلى السعودية أغلبها حقيقية و قلة منهم فقط يُحتمل أنهم عملاء مجندين أو تم تجنيدهم بعد طلبهم اللجوء.

لم يمر علي أي لاجئ سعودي يعود للسعودية إلا بعد أن يأخذ وعودا بتحسين وضعه عما كان قبل هروبه. معنى ذلك أن الذي يعود لا يعود لأنه يفضل حالته السابقة على الحياة في بلد اللجوء بل يعود لأنهم وعدوه بأنه سوف يحصل على حقوقه عندما يعود إلى السعودية. لكن هل تتحقق تلك الوعود؟

أولا: المخدوعون.

أمثلة على المخدوعين

1- نواف الشهري:

فتاة سعودية عابرة اسمها الرسمي في السعودية "نواف الشهري" و اسمها الذي سمت نفسها به هو "إيدن". تم استدراجها من أمريكا عن طريق عميلين أمريكيين و محامي سعودي. بعد عودتها إلى السعودية تم حرمانها من العلاج، فنشرت رسالتها الأخيرة في تغريدة قائلة أنها سوف تنتحر. بعد ذلك أعلنت عائلتها وفاة نواف الشهري.

صورة

رابط التغريدة

رابط الترجمة العربية


2- نوف المعاضيد:

فتاة قطرية تم استدراجها بالوعود و التطمينات الكاذبة من بريطانيا إلى قطر. بعد عودتها إلى قطر ظهرت في مقاطع فيديو قائلة أنه تم منعها من السفر و تم فرض رقابة شديدة عليها كما قالت إن المسؤولين القطريين مارسوا عليها ضغوطات لإجبارها على العمل في الدعارة.

صورة


3- عائشة المرزوق:

صورة

أعلنت عائشة المرزوق أنها رجعت إلى السعودية بناء على تطمينات من السفير السعودي في السويد، ثم بمجرد وصولها لمطار الملك خالد في الرياض (أكتوبر 2017) تم إلقاء القبض عليها و إرسالها إلى السجن. ثم هربت عائشة المرزوق من السعودية إلى اليمن مرة ثانية (سبتمبر 2019)، و تم احتجازها في سجن الجوازات بصنعاء فنشرت مقطع فيديو سردت فيه قصة قيام السفير السعودي بالسويد بخداعها بالوعود الزائفة لاستدراجها لتعود للسعودية حيث سُجنت و لم يتحقق شيء من الوعود التي قُدّمت لها:

https://sendvid.com/7dxpwpaq


4- سهيل:

سهيل شاب سعودي تم استدراجه للعودة من أمريكا. استعطفوه و قالوا له أن أمه مريضة و تريد أن تراه، ثم لما رجع ضربوه و سجنوه سنوات طويلة ثم بعد خروجه من السجن سجنوه مرة أخرى سنوات طويلة!

صورة


5- منيرة المالكي:

عمانية تم استدراجها للعودة من بريطانيا إلى عمان بالوعود الكاذبة. ظهرت في يناير 2023 على تويتر تشتم اللاجئات و تصفهن بأنهن عاهرات و تشنع على الناشطين الحقوقيين و تتهمهم بأنهم مهربين، و أصبحت نجمة المساحات السعودية التي يتجمع فيها من يشوهون صورة اللجوء. ثم في أبريل 2023 نشرت تغريدات و مقطعا صوتيا قائلة أنه تم منعها من السفر و منعها من العمل و حرمانها من أبسط الحقوق و اعترفت أنه لم ينفعها تطبيلها.

صورة

صورة

صورة

صورة

صورة

صورة

صورة

صورة

https://sendvid.com/2ky936s9

https://sendvid.com/q1bvbzk3


سواء كان اللاجئ مرتاحا أم يعاني في بلد اللجوء، فإن الوعود أو القصص الكاذبة ربما تنجح في استدراجه إلى السعودية. لنأخذ مثلا قصة سهيل، فهو كان مرتاحا جدا في أمريكا لكنهم قالوا له إن والدته تحتضر فعاد مسرعا إلى السعودية فأدخلوه السجن لسنوات طويلة. فما بالك بالأشخاص الذين يعانون حيث يكون استدراجهم أسهل عندما مثلا يقال لهم أنهم لو رجعوا فسوف يحصلون على بعثة دراسية أو سوف يُعطون حريتهم كاملة ثم يعودون فيتم القبض عليهم. بعد عودة المخدوعين إلى السعودية فإن بعضهم يظهر على تويتر لكي يشتم اللجوء و الناشطين و ينتقص من اللاجئات بينما هو في الحقيقة يتمنى لو أنه ظل في بلد اللجوء. كذلك لا ننسى أن بعض المخدوعين يُعطون حقوقهم لعدة أيام أو شهور في السعودية ثم تُسلب منهم بعد ذلك. الخداع درجات، فالبعض عندما يعود يُعطى جزءا من حقوقه أو يُنفذ جزء من شروطه بينما البعض تصبح حالته أسوأ مما قبل هروبه إلى بلد اللجوء.

هل نلوم هؤلاء على عودتهم؟ أغلبهم مساكين خُدعوا أو ضعفوا بسبب المعاناة في بلد اللجوء. قد تبدو المعاناة تافهة لكن حتى الأمور التافهة ليس الجميع يتحملها. أمثلة:
  • المصروف في فترة طلب اللجوء ضئيل. فحكومات بلدان اللجوء لا تريد أن تشجع الأجانب على السياحة بمسمى اللجوء. فلو كان طالب اللجوء يحصل على شقة لوحده و راتبا شهريا قدره 400 يورو و علاجا مجانيا فالكثير من الناس سوف يعتبر أن فترة طلب اللجوء بمثابة سياحة و بالتالي فإن الكثير من الناس ستطلب اللجوء حتى لو كانت لا تستحقه. لهذا السبب فإن مصروف طالب اللجوء ضئيل جدا و هذا يجعل فترة طلب اللجوء صعبة. و حتى لو كانت عندك ثروة بسيطة فربما تصادر منك لو أنك قلت أنك تحتاج إلى ملجأ، فأنت بين خيارين مرين إما أن تسكن على حسابك أو تطلب ملجأ فتصادر ثروتك. هل حقا هناك من يعود بسبب أنه في فترة طلب اللجوء لم يكن قادرا على شراء كوب قهوة من ستاربكس؟ نعم صحيح. هو حر في قراره. لكن عودته معناها أنه رضي بخسارة حريته في السعودية مقابل الحصول على مصروف من والديه ليشتري كوب قهوة من ستاربكس، أو أنه خُدع بالوعود الكاذبة فبعدما عاد إلى السعودية شعر أنه نادم على عودته فيفتح حساب تويتر و يشتم اللجوء و يحقّر اللاجئين لكي ينفس عن معاناته. الإنسان الطبيعي له الحق في أن يعود إلى السعودية من أجل كوب قهوة لكن الإنسان الطبيعي لا يحتقر الذين يتحملون الحياة بدون كوب قهوة لأجل نيل حقوقهم و كرامتهم.
  • الملجأ في فترة طلب اللجوء سيء. تتفاوت أوضاع ملاجئ طالبي اللجوء، فبعض الملاجئ عبارة عن عمائر فيها أثاث بسيط يشبه سكن طلاب الجامعة. و البعض يتم إيواؤه في غرفة مشتركة مع آخرين و تكون الحمامات مشتركة مع آخرين و أحيانا مع عدد كبير من الأشخاص. و أحيانا يكون الطعام في الملجأ سيئا أو قليل الجودة (طبعا هذا لا يمنع من وجود ملاجئ جيدة ينالها المحظوظون). فبعض الذين يمرون بتجربة الملجأ في فترة طلب اللجوء لا يتحملون تلك التجربة حتى و هم يعلمون أنها مؤقتة.
  • الإجراءات في فترة طلب اللجوء قد تكون صعبة على البعض خصوصا في بعض البلدان. خصوصا إذا ازدحم اللاجئون في فترة من الفترات فصار من الصعب أن تجد محاميا أو من الصعب أن تلقى تجاوبا من المنظمات. تجدر الإشارة هنا إلى أن إجراءات اللجوء في **** سهلة جدا مقارنة بباقي البلدان.
  • المصروف بعد قبول اللجوء يكفي للاحتياجات الأساسية فقط. فلا يمكنك أن ترفه عن نفسك بالمقاهي و السينما و الملاهي براتب اللاجئ إنما فقط تصرف الراتب على الملابس و الطعام و الكهرباء و التلفون و الإنترنت و المواصلات. طبعا ربما تستطيع أن توفر قليلا لتذهب للسينما مرة في الشهر، لكن كل توفير في جهة يقابله تقتير في جهة أخرى. فإن ذهبت للسينما مرة في الشهر فأنت تحرم نفسك من أطعمة أو مشروبات. زد على ذلك أنك لا بد أن توفر مبلغا للطوارئ، فلن تستطيع أن تصرف الراتب بأكمله. لكي تتمكن أن ترفه عن نفسك فإنك تحتاج على الأقل إلى 200 يورو زيادة على الراتب الذي تستلمه من الحكومة، لكن طبعا البعض يحتاج إلى مبلغ أكبر لأنه متعود على "البعزقة". الجانب المادي هو السبب الأساسي للعودة إلى السعودية. و للتوضيح نقول أنه بعد قبول اللجوء يحق لك العمل، لكن أغلب اللاجئين يقضي فترة في تعلم اللغة أو الدراسة الجامعية و تلك هي الفترة الصعبة التي نتحدث عنها. لكن طبعا هذا لا يمنع من وجود لاجئات يعتمدن على الراتب الحكومي و بنفس الوقت يتمتعن برفاهية لا بأس بها، فمثلا أخبرتني لاجئة بهولندا أنها بعد أن تؤدي الالتزامات الشهرية الضرورية كالسكن و الكهرباء يتبقى لها من الراتب الحكومي مبلغ جيد يكفي حتى للترفيه، مع ملاحظة أن هذا الأمر نسبي يختلف من شخص لآخر.
  • الإجراءات بعد الحصول على اللجوء ربما تكون صعبة لمن لم يتعودها. فهناك أوراق كثيرة تملؤها و رسائل كثيرة تصلك بلغة بلد اللجوء و مواعيد كثيرة لدى الدوائرة الحكومية و كل موعد يتطلب منك أوراقا معينة. إذا كنت تجيد لغة بلد اللجوء أو لديك سبيل لطلب المساعدة من أحد يجيد لغة بلد اللجوء فسوف تخف الصعوبات كثيرا. لكن من لا يجد المساعدة للترجمة أو من لا يعرف كيف يتعامل مع كثرة الإجراءات فربما تنهار أعصابه تحت وطأة الضغوطات.
  • عدم العثور على عمل مرضي. بعد قبول لجوئك يحق لك العمل لكنك لن تجد عملا إلا بما يناسب مؤهلاتك. اللغة هي العنصر الأهم في العمل ببلد اللجوء، بعد ذلك تأتي الشهادات المعترف بها. الحقيقة أن الكثير من اللاجئين السعوديين عندما يبحث عن عمل تكون خياراته صعبة فمستوى لغته لا تنافس أبناء بلد اللجوء و مؤهلاته ربما لا تتجاوز شهادة الثانوي في السعودية، لذلك تصبح الوظائف المتاحة أمامه هي الأعمال اليدوية كغسل الصحون و التنظيف و حمل الكراتين في مكتب البريد و ما إلى ذلك. و حتى الذين يحملون مؤهلات فإن بعضهم لا ينجح في الحصول على وظيفة ترضي طموحاته، فمثلا من لديه شهادة في التمريض ربما لا يجد وظيفة إلا في مركز رعاية العجائز، لأن وظيفة التمريض لا تستغني عن الإلمام الجيد بلغة بلد اللجوء فلن ينالها أحد لمجرد أنه لديه شهادة تمريض من السعودية أو حتى خبرة عمل عدة سنوات بل لا بد من اللغة الجيدة التي تمكن الممرض من التواصل مع المرضى و الأطباء. هناك أشخاص تحملوا فترة طلب اللجوء لكنهم عندما حان وقت التوظيف شعروا أنهم لم يجدوا الوظيفة التي تليق بهم فعادوا إلى السعودية لأن بلدان اللجوء لا تصرف على من يرفض العمل في المهن التي تناسب مؤهلاته. و هناك لاجئون وجدوا الوظيفة المناسبة التي ترضيهم لكنهم اكتشفوا بعد فترة أنهم عاجزين عن الانضباط الوظيفي فهم تعودوا في السعودية على حياة الاتكال حيث يأتيهم المصروف من الوالدين دون الاضطرار للعمل. فهؤلاء يتعثرون في الحياة المهنية لأسباب مثل الغياب عن العمل أو المشاكل مع رؤساهم، ثم يعودون إلى السعودية. تنويه: الأعمال البسيطة كالتنظيف و الطبخ و بيع الشاي أصبحت منتشرة بين السعوديين داخل السعودية، لكن الذباب الإلكتروني الذي يروج لتلك الوظائف داخل السعودية هو نفسه الذي يشنع على اللاجئات حين يعملن في مثل هذه الوظائف. بل إن السعوديين داخل السعودية ربما يظلون عاطلين لعدة سنوات بسبب عدم العثور على وظيفة.
  • الغربة خصوصا لمن يشتاق لأهله أو من يفشل في الاندماج بمجتمع بلد اللجوء.
  • عدم تحمل بعض المضايقات مثل التحرش (الذي أغلبه للأسف من مسلمين) أو العنصرية (التي هي خفيفة مقارنة بالعنصرية في السعودية ضد الأجانب أو حتى ضد بعض المواطنين). خصوصا لو قدم طالب اللجوء أو اللاجئ بلاغا للشرطة فلم تهتم ببلاغه فإنه سيشعر بالحنق على بلد اللجوء سواء كان عدم اهتمامهم ناتجا عن تقصير منهم أم أنه بسبب نقص الأدلة. أحيانا يكون سبب الحنق هو اختلاف الثقافات، فمثلا هناك لاجئة تعرضت للتحرش في الشارع فتم الحكم على المتحرش بالسجن ستة شهور لكن اللاجئة حانقة لأنها تشعر أن أن العقوبة قليلة. ينبغي النظر إلى حنق اللاجئين باعتباره حق مشروع بغض النظر عن أسبابهم. بالطبع يكون الحنق في بعض الأحيان ناتجا عن أمراض نفسية يعانيها طالب اللجوء أو اللاجئ لكن في النهاية فإن مشاعره من حقه.
  • عدم تحمل مصاعب المواقف الصغيرة. مثلا، لاجئة تحكي أنها عندما كانت في بلد اللجوء ذهبت بعيدا عن الفندق (الملجأ) ثم نفذت بطارية جوالها فلم تعرف طريق العودة للفندق فأخذت تبكي و تسأل المارة بطريقة هستيرية حتى حسبوا أنها مجنونة، مع أنها كان يمكن تسأل بهدوء و ستجد بالتأكيد من يساعدها. و لاجئة أخرى تحكي أنها في أول يوم لها في الملجأ أرشدوها لموقع غرفتها (التي تبعد تقريبا 100 متر) فكانت الأجواء ممطرة فمشت تحت المطر حتى أغمي عليها، مع أنها كان يمكن أن تطلب المساعدة من موظفي الملجأ ليحملوا شنطتها أو حتى ليعطوها مظلة أثناء سيرها إلى غرفتها فهذه مطالب عادية (مع ملاحظة أن المشي لمسافة 100 متر تحت المطر لا يسبب الإغماء إلا لمن تعرض قبلها لإجهاد أو لديه أمراض مسبقة). من القصتين تجد أن نقطة ضعف اللاجئة كان أنها لا تجيد أن تطلب الخدمات البسيطة من الآخرين، و تلك نقطة ضعف عند بعض البشر. فنحن لا نلومهم على نقطة الضعف تلك بل نثقف المقبلين على اللجوء أنه إذا كنت خجولا لدرجة أنك لا تستطيع طلب المساعدة في مثل هذه المواقف فكن مستعدا لمجابهة صعاب من هذا النوع.
  • الأمراض النفسية التي تجعل الحياة بعيدا عن وصاية الأهل أمرا صعبا. ففي السعودية يجد الكثير من المرضى النفسيين نفسه محاطا بالأهل كأوصياء عليه في كل شيء بينما في بلد اللجوء يجرب الاستقلال فيتورط. فالوصاية على بعض المرضى النفسيين أمر إيجابي لكي لا يتخبطوا في الاستئجار و الشراء و تحضير الطعام و ما إلى ذلك. كذلك فإن بعض الأمراض النفسية تؤدي إلى العزلة و الفشل في نسج علاقات اجتماعية و العجز عن الاستقلال في السكن. و يمكن أن ينطبق الأمر على بعض الأمراض الجسدية التي تقود للعزلة أو صعوبة نسج العلاقات الاجتماعية في مجتمع غريب.
هذا عدا عن المصاعب الأخرى التي يمكن أن يتعرض لها اللاجئ. فلكل عائد أسبابه التي تخصه مهما بدت صغيرة في أعين الآخرين.

الفترات الذهبية

بداية الوصول لبلد اللجوء: عندما تنجح اللاجئة في الوصول لبلد اللجوء فإنها تعيش نشوة الحرية التي لم تذق طعمها في السعودية. حرية نزع الحجاب. حرية الخروج من المنزل. حرية العلاقات. حرية التعبير. لكن النشوة هي انفعال لا يدوم طويلا. فإذا عاشت اللاجئة في ظروف جيدة من حيث السكن و المصروف فإن النشوة تتحول إلى سعادة مع شيء من التوتر. أما إذا واجهت اللاجئة مشاكل مثل السكن السيء و الطعام السيء و المصروف الشحيح فإن النشوة ربما تذبل لتتحول أحيانا إلى اكتئاب أو يأس لأن اللجوء هو ملاذها الأخير فإن لم تجد فيه ما يلبي طموحاتها فإنها تشعر أن كل الأبواب أمامها ضيقة: باب السعودية و باب بلد اللجوء.

بداية قبول اللجوء: في اللحظات الأولى لقبول اللجوء يشعر اللاجئ بالتميز و الامتنان و الراحة و الطرب. لكن بعد ذلك بوقت قصير جدا يبدأ الجد. فأول صعوبة تكون الإجراءات لدى الجهات الحكومية. ثم بعد ذلك إما الدراسة أو العمل. البعض يندمج بكل سهولة فيدرس أو يعمل في أي وظيفة متاحة له تناسب مؤهلاته. لكن هناك من ينهار أمام هذا الأمور التي هي بالأساس بسيطة لكن ليس الكل يتمكن من تحملها.

التعارف على الشريك: عندما يجد اللاجئ الشريك المناسب فإنه يعيش لحظات فريدة قد لا ينساها لآخر عمره. و مثل الزواج، فإن البداية تكون سعيدة ثم تحدث المشاكل المعتادة بين الأحباب.


أنا أجد أن التذمر من بلد اللجوء هو ظاهرة صحية لأنه يساعد في التنفيس عن الغضب و يثقف المقبلين على اللجوء بالمصاعب التي يمكن أن تعترضهم. أنا فقط ضد الذين يتظاهرون بأنهم ناشطون حقوقيون بينما هم يبثون التخويف و الإرجاف في أوساط اللاجئين بغرض تدمير اللجوء عمدا، فليس من المقبول أن يتحدث الحقوقي عن الجوانب السلبية حصرا دون توازن. مثلا، أنا لا أتقبل أن يقول الحقوقي للمقبلين على اللجوء بأن سكن اللاجئين سيء و الطعام فيه سيء بينما هو بنفسه يعلم أن تجارب اللاجئين متفاوتة فبعضهم حصل على ملجأ جيد بطعام جيد، خصوصا إذا كان سياق الحديث يكشف عن محاولة لتضليل المقبلين على اللجوء عبر تخويفهم.




ثانيا: المحظوظون:

للأسف لم يتواصل معي أحد بطريقة مقنعة ليخبرني بأنه حصل على حقوقه بعد رجوعه للسعودية. فالذين يتواصلون معي ثم يرجعون للسعودية إما أنهم
  • يختفون فورا أو
  • يخبرونني بأنهم وقعوا في فخ الاستدراج بالوعود الكاذبة أو
  • يقولون في البداية أن أمورهم طيبة ثم مع مرور الزمن يتدهور وضعهم أو
  • يقولون إن أمورهم طيبة لكن بعد فترة قصيرة ينقطعون عن التواصل أو
  • يزعمون أنهم حصلوا على حقوقهم لكنهم بعد فترة يسألونني عن إمكانية اللجوء مرة ثانية أو إمكانية الهجرة! و بعضهم يعترف أن أهله سحبوا الجواز منه.
أنا أتمنى أن يحصل العائدون من بلدان اللجوء على حقوقهم، لكني لم أطّلع أي حالة تحقق فيها ذلك.


ثالثا: المندسون أو المجندون:

لم أجد أي حالة بين اللاجئين العائدين إلى السعودية أستطيع الجزم بأنها جاسوسة مندسة أو أنه تم تجنيدها بعد أن طلبت اللجوء (رغم أن بعض العادئين توجد مؤشرات قوية على كونهم جواسيس أو مجندين). الناس تختلط عليهم الأمور فيحسبون مثلا أن اللاجئ الذي يطبل للحكومة السعودية هو جاسوس بالضرورة بينما هو في الواقع يمكن أن يكون معجبا بالتغيرات الإيجابية. و هناك الكثير من الأمور التي يحسبها الناس تدل على الجاسوسية بينما هي أمور عادية. الجاسوس يقوم بجمع المعلومات أو تخريب اللجوء أو تخريب سمعة اللجوء و اللاجئين و المعارضين أو تخريب منظمات المعارضة. و ليس من السهل التفريق بين من يقوم بهذه الأمور لأنه مختل عقليا أو أخلاقيا و من يقوم بها لأنه يتلقى الأوامر من الحكومة السعودية. بالطبع يقوم عملاء الحكومة السعودية بتضخيم عودة اللاجئات فحتى لو قالت اللاجئة العائدة أنها رجعت للسعودية من أجل قهوة ستاربكس فإن عملاء الحكومة السعودية يحتفلون بكلامها كأنه دلالة على جحيم اللجوء، لكن ذلك لا يعني أن تلك اللاجئة مجندة فهي قد تكون مريضة نفسيا أو منحلة أخلاقيا. ثم إن الجواسيس يضخمون القصص التي يمكن أن يتعرض لها الجميع سواء المواطن في السعودية أو المبتعث في الخارج أو اللاجئ، كقصص الانتحار و المشاكل مع المؤجرين و التعرض للسرقة. خذ مثلا قصة هذا الشاب السعودي المبتعث الذي قام المؤجر بتهديده بالمسدس ملمحا أنه سيطلق عليه النار لو دخل مطبخ المنزل:

صورة

صورة


في البداية ذهب إلى الشرطة فتجاهلوا بلاغه! لم تنفعه السفارة السعودية بشيء رغم أنه مبتعث. ثم اضطر أن ينشر قصته في الإعلام، ثم بعد ذلك تفاعلت الشرطة و تم الحكم على المجرم. لن تجد عملاء الحكومة السعودية يهاجمون الابتعاث و يقولون "هذا مصير كل مبتعث" بل بالعكس فهم الآن يقولون عنه أنه "شجاع"! لكن لو أن لاجئة تعرضت لنفس الموقف لهاجت حسابات الذباب الإلكتروني لتصف الموقف بأنه مصير حتمي لكل لاجئة سعودية. فاللاجئة قد تكون صادقة و تعبر عن تجربتها الحقيقية، لكن الذباب الإلكتروني ينظر للموضوع لا من زاوية إنسانية بل من خلال مصالح الأشرار فقط. فينبغي التفريق بين القصص الحقيقية العادية التي تنشرها العائدات إلى السعودية، و التضخيم الذي يقوم به الذباب الإلكتروني.

قارن ذلك مثلا بقصة سلوى الزهراني التي تعرضت أيضا لعنصرية من شخص يتشارك معها الشقة بكندا، و رغم أنه لم يرفع مسدسا و لم يهدد و لم يقل أنها تشكل خطرا عليه فقد طار الإعلام السعودي بالقصة ليتخذها نموذجا على جحيم اللجوء! رغم أنها قصة عادية يمكن أن يتعرض لها اللاجئ و المبتعث و السائح و المهاجر و رجل الأعمال.


صورة




و هذه قصة شاب سعودي مبتعث اضطر أن يسكن مع فتاة مدمنة بسبب أن المكافأة التي تعطيها الحكومة السعودية للمبتعث لا تكفيه للسكن في شقة لوحده، فقامت الفتاة المدمنة بطعنه بسكين في رقبته ثم سرقت محفظته و جواله و هربت:



رابط القصة في حال حذف التغريدة:

https://sendvid.com/gt3de4et





بينما في أغلب بلدان اللجوء يتمكن اللاجئ من العثور على شقة يسكن فيها لوحده و تدفع حكومة بلد اللجوء إيجارها.


الإشاعات السعودية

عندما كنت طفلا أعيش وسط المجتمع الشيعي بقرية القارة في الأحساء بالسعودية كانت الحكومة تطفئ الكهرباء بقريتنا في شهر محرم فنضطر لإشعال الشموع في الحسينيات. ثم يقوم الوهابيون بالزعم بأننا نطفئ الأنوار لكي يختلط الرجال بالنساء! في حين أن الواقع هو أن شيعة الأحساء كانوا آنذاك من أشد السعوديين تزمتا في تغطية المرأة و فصلها عن الرجال فلا ينافسهم في ذلك إلا سكان القصيم الذين هم الوهابيون! فرغم أن شيعة الأحساء و الوهابيين القصيميين يتفقون على طريقة تطبيق الشريعة الإسلامية بنفس المستوى من التزمت، إلا أن الصراع المذهبي جعل طرفا منهم ينشر إشاعات كاذبة عن الطرف الآخر.

فالإشاعات في السعودية مضحكة من شدة الكذب. إن هذا المستوى من الكذب هو منوال لم يتغير، إنما كل ما تغير هو أن إشاعات تختفي لتظهر محلها إشاعات أخرى بنفس المستوى من السخافة لكن حول موضوع جديد تحدده القوى السياسية.


في الحقيقة، أنا أجد أن قصص العائدين مفيدة لتثقيف الراغبين في اللجوء. فأغلب العائدين يقصون قصصا حقيقية عن معاناتهم. و مهما بدت تلك المعاناة تافهة، مثل عدم القدرة على شراء كوب قهوة من ستاربكس، فإنها ربما تكون مهمة لأشخاص آخرين يفكرون في اللجوء. و خصوصا بالنسبة لي كناشط قضى تقريبا 7 سنوات يدعم اللاجئين، فإنني أفضل أن يتراجع أشخاص كثيرون عن فكرة اللجوء على أن يطلبوا اللجوء ثم يعودوا إلى السعودية. فمن يعرف نفسه أنه لا يتحمل الحياة في الملجأ أو لا يتحمل المصروف القليل أو لا يتقبل الوظائف التي تناسب مؤهلاته، فالأفضل له و لنا أن يتخلى عن فكرة اللجوء و يظل في السعودية.

لكن مهلا، بقليل من الإمعان في الموضوع ستجد أن الكثير من العائدين تحسنت ظروفهم عما قبل هروبهم. فحتى لو كان التحسن قليلا فهو أفضل من لا شيء. لذلك فإنه حتى لو انتهى المطاف باللاجئ للعودة إلى السعودية فإنه ليس من الصحيح القول دائما بأن اللجوء خيار سيء، فذلك اللاجئ أو تلك اللاجئة لولا اللجوء لما نال بعضا من حقوقه عندما عاد إلى السعودية.




التغرير:

عندما يقول الذباب الإلكتروني أن اللاجئات مغرر بهن فهو في الواقع يريد أن يخفي أن العائدات مغرر بهن عن طريق الوعود الكاذبة. فاللجوء لا يخفى فيه شيء. فمن تعود إلى السعودية لأنها لم تستطع شراء كوب قهوة ستاربكس في بلد اللجوء فإنها لا تستطيع أن تزعم أنها لم تكن تدري أن المساعدات التي تُمنح لطالب اللجوء ضئيلة فهذه المعلومات منشورة هنا في هذا المنتدى منذ أكثر من خمس سنوات. صحيح أن اللجوء يمكن أن يُبنى على حسابات خاطئة لكن ليس فيه تغرير.

و كيف يكون اللجوء تغريرا إذا كانت الفتاة تفضل الحياة في بلد اللجوء حتى بعد قضائها عدة سنوات في بلد اللجوء؟!

ثم إنه إذا كان اللجوء تغريرا فمعنى ذلك أن السعودية بلد يحترم حقوق الإنسان. فإذا كانت السعودية بلدا يحترم حقوق الإنسان فلماذا أنت تجد صعوبة في إقناع اللاجئات بذلك؟؟؟ مثلا، لو فتاة أمريكية طلبت اللجوء في ****، فهل سيجد أهلها صعوبة في إقناعها بأن أمريكا بلد يحترم حقوق الإنسان؟ و لو كانت السعودية بلدا يحترم حقوق الإنسان لرأينا الحكومة السعودية تسجن الذين يشتمون أو يهددون اللاجئات. فهذا سنودن مواطن أمريكي لجأ إلى روسيا، و والده الأمريكي يقول من وسط أمريكا أنه فخور بولده، و لو أن أحدا من الأمريكيين هدد سنودن فسوف يتم القبض عليه و يُسجن. بينما الحكومة السعودية تشجع على شتم اللاجئات و تهديدهن فكيف تزعم بأن السعودية بلد يحترم حقوق الإنسان؟ البلد الذي يحترم حقوق الإنسان هو نفسه البلد الذي يحترم حقوق مواطنيه عندما يطلبون اللجوء و يسلك الطرق القانونية للمطالبة بتسليمهم له. فهل السعودية تسلك الطرق القانونية لتسليم اللاجئات لها؟ كلا. بل تتجسس عليهن و تشجع من يشتمهن و يهددهن. فردة فعل السعودية تجاه اللاجئات هي في حد ذاتها دليل على أن السعودية ليست بلدا آمنا و بالتالي فإن اللجوء لا يمكن أن يكون تغريرا بل هو انتقال من بلد مخيف إلى بلد آمن.

البلد الذي يحترم حقوق الإنسان يقول بصدق لمواطنيه اللاجئين في بلدان أخرى "مرحبا بكم في كل وقت. الباب مفتوح لعودتكم. و لن تتعرضوا للسجن بل سنقوم بحمايتكم من اضطهاد الأهل." فلماذا لا تستطيع أنت أن تقنع اللاجئات بأن السعودية ستضمن حقوقهم لو رجعوا؟ و هل كل بلدان اللجوء التي منحتهم اللجوء خفي عليها أن السعودية بلد يحترم حقوق الإنسان؟ و لماذا العائدات يختفين عن الظهور بعد فترة؟ لو السعودية بلد يحترم حقوق الإنسان لوجدت أن العائدات يظهرن في السوشل ميديا أو الإعلام باستمرار ليتحدثن عن تجاربهن بصدق بدون أكاذيب، لكن ما شاهدناه هو أن العائدات إما أن يختفين فورا أو يظهرن لفترة قصيرة ينشرن خلالها الأكاذيب عن اللجوء ثم يختفين عن الظهور رغم أننا نعلم يقينا أنهن يرغبن في الظهور. البلد الذي يحترم حقوق الإنسان هو البلد الذي تعود إليه اللاجئة فتتحدث بكل حرية عن تجاربها في بلد اللجوء بدون أي أكاذيب.

تناقضات المختلين

يقولون: السعودية بلد مثل غيرها تحدث فيها انتهاكات لكن هناك جهات تحمي المعنفات عند التواصل معها.
الرد: لو أن السعودية مثل غيرها، فلماذا أنت لا تستطيع أن تقنع الكنديات بأن يطلبوا اللجوء في ****؟! هل تستطيع أن تقنع البريطانيات بأن يطلبوا اللجوء في فرنسا؟ هل تستطيع أن تقنع الأمريكيات بأن يطلبوا اللجوء في كوريا الجنوبية؟

يقولون: اللاجئة السعودية لو عادت إلى السعودية ستكون معززة مكرمة.
الرد: لو اللاجئة السعودية معززة مكرمة في بلدها لما سمعنا صراخكم عندما تهرب هي من السعودية. هل لو كندية هربت من كندا سنسمع صراخ الكنديين؟! هل لو بريطانية هربت من بريطانيا سنسمع صراخ البريطانيين؟ هل لو أمريكية هربت من أمريكا سنسمع صراخ الأمريكيين؟! الكنديون و البريطانيون و الأمريكيون لو هربت امرأة بالغة من بلدهم فهم يعتبرون هروبها من حقها، بل إنهم لا يعتبرون ذلك هروبا بل مجرد سفر سواء كان سفرا قصيرا أو طويلا فهي بالنسبة لهم حرة في قراراتها لا يصارخون و لا يلطمون.

يقولون: أصلا المرأة السعودية تسافر للسياحة متى تشاء.
الرد: هات لي امرأة سعودية واحدة سافرت للسياحة فبلغ عنها ولي أمرها ثم عادت إلى السعودية بدون أن تُعتقل. هات لي امرأة سعودية تستطيع أن تتخذ قرار العمل خارج المملكة كما يفعل بعض الرجال السعوديين ثم تسافر بعلم أهلها و غصبا عن إرادتهم. نحن نعلم أن المرأة السعودية لم تعد بحاجة إلى تصريح أبشر من ولي الأمر لكي تغادر السعودية بمفردها لكن لحد الآن لا تستطيع أي امرأة سعودية أن تغادر السعودية رغما عن إرادة ولي أمرها.

يقولون: اللاجئة سوف تندم.
الرد: في البلدان التي تحترم حقوق المرأة لا أحد يمنع المرأة من الهجرة إن هي أرادت و كذلك لا أحد يحاسبها لو ندمت فرجعت. فلماذا أنتم تضخمون مسألة الندم إلا لأنكم تعلمون أن اللاجئة العائدة يُفتح لها ملف عند الشرطة كما شاهدنا بأعيننا حبر البصمة الأزرق في إبهام وسام السويلمي بسنابها ثاني يوم بعد عودتها للسعودية.

يقولون: المرأة السعودية عندما تطلب اللجوء فهي مغرر بها.
الرد: كلامك هذا هو استنقاص من عقول النساء، فكلامك هو في حد ذاته دليل على أنك تعامل المرأة كأنها طفل سفيه. هيا أرنا أنت كيف تغرر بالكنديات و البريطانيات و الأمريكيات إن كنت تستطيع.

يقولون: اللاجئة لو ظلت في السعودية فهو أفضل لها.
الرد: لو كان كلامك صحيحا فما بالك تعجز عن إقناع اللاجئات بذلك؟ لماذا ليس عندك وسيلة سوى الهجوم و التشنيع؟ مثلا، لو أمريكية هربت إلى كوريا الجنوبية فإن أهلها ربما يحاولون إقناعها بأن حياتها في أمريكا أفضل من حياتها في كوريا الجنوبية و أول دليل يقدمونه لها هو قولهم "إننا نحترم قرارك". لكن السعوديين بدلا من التعبير عن الاحترام فإنهم يشتمون و يهددون و يشوهون. فتعاطي الأهالي السعوديين مع بناتهم اللاجئات هو في حد ذاته دليل على أن الحياة في السعودية غير مناسبة لهؤلاء اللاجئات.



إن صياح المختلين في تويتر يدل على أن السعودية ليست مكانا صالحا لحياة البشر. فالمختلون يكذبون و يتهمون اتهامات باطلة و يشتمون بألفاظ قذرة و يهددون و ينكرون معاناة الضحايا و ينزهون السلطات التي تحمي المجرمين و يشيطنون الناشطين الحقوقيين. إن صياح المختلين لهو دليل على أن من يعود إلى السعودية فهو يعود إلى حضن المجرمين ليصبح تحت رحمتهم، فحتى لو رحموه فإن عليه أن يتكيف مع مجتمع غير طبيعي يسود فيه النفاق و الإجرام.



اللاجئات السعيدات:

يوجد بين اللاجئات من تكون سعيدة لأنها تحررت من القمع فهذا يكفيها ليغطي على جميع الصعوبات. لكن أخمن أن الكثير من اللاجئات السعيدات يخفون ثروة جلبوها معهم من السعودية فيسكنون في الملجأ و يحصلون على المساعدة المالية و بنفس الوقت يستمتعمون بالسينما و المقاهي و الملاهي بالمال الذي جمعوه في السعودية من العمل لسنوات طويلة أو من بيع مجوهراتهن. و بعض اللاجئات يعملن بطريقة غير قانونية، يعني بدون عقد رسمي و بدون ترخيص عمل، للحصول على راتب يصل إلى 1000 يورو شهريا فمن الطبيعي أنها تصبح قادرة على الترفيه عن نفسها في فترة طلب اللجوء ثم تظهر على تويتر لتمدح اللجوء لكنها لا تقول للقراء أنها تعمل بالخفية (يسمى: العمل بالأسود). هذا عدا عن العمل أونلاين في مجالات مثل الترجمة و البرمجة و التصميم و التأليف و التنسيق و الإدارة، و هو أيضا - على الأرجح - عمل غير قانوني ما لم تحصل على ترخيص العمل و تدفع الضرائب. فليس كل لاجئة سعيدة تدافع عن اللجوء هي لاجئة قانعة بالقليل، بل ربما يوجد بين اللاجئات من تخفي ثروتها أو تعمل بالأسود لذلك هي سعيدة فتعطي انطباعا خاطئا بأن اللجوء هو ترفيه و مرح. أيضا في بعض الأحيان يمكن أن تكون هناك لاجئة تعمل بالأسود فتلّمع اللجوء و تصوّره نعيما سهلا، ثم تخسر وظيفتها بسبب التغيب أو بسبب المنافسة ثم بعد ذلك تبدأ في شن حملة تشويه ضد اللجوء. و طبعا ليس مستبعدا وجود لاجئات نجحن في الحصول على وظيفة ممتازة أو وجدن شريك الحياة المناسب ليحققن السعادة بدون إخفاء أي شيء من حياتهن عن القراء. كذلك هناك لاجئات يكفيهن الراتب الحكومي للمصاريف الأساسية مع الترفيه، كتلك اللاجئة السعودية في هولندا التي تحدثت عنها أعلاه حيث قالت لي:
  • عندما وصلت هولندا كان عندي 5000 ريال نفذت بسرعة.
  • ثم أصبحت معتمدة على الراتب الأسبوعي لطالب اللجوء (60 يورو).
  • ثم بعد قبول اللجوء صار راتبي 1361 يورو شهريا، بعد أن أنفق منها على الالتزامات يتبقى لي 583 يورو شهريا للطعام و الترفيه.
  • هناك مساعدات مقطوعة تصل كل فترة بمبلغ 500 يورو.
  • تقول بأنها سعيدة و مرتاحة ماديا بدون أن تعمل بالأسود أو تخبئ ثروتها.

أما بعد قبول اللجوء فإن السعادة تتحقق بتعلم اللغة ثم الدراسة في التخصص المرغوب أو العمل في التخصص المرغوب. فمن يحصل على وظيفة ترضيه لن يعكر مزاجه إلا الأمور التي يمكن أن يواجهها الإنسان في أي مكان بالعالم مثل الخيبات العاطفية و الحوادث العرضية و الأزمات المالية.

فقدان المتكأ

الإنسان في مجتمعه غالبا يكون لديه عائلة و أصدقاء يستطيع أن يتكئ على أكتافهم لو واجه أزمة أو احتاج مساعدة أو أصيب بمرض. لو احتجت إلى سلفة تفك بها أزمة كبيرة فمن السهل أن تجد من بين أهلك و أصدقائك في السعودية من يسلفك لكن أغلب اللاجئين لا يجدون أحدا يسلفهم في بلد اللجوء سوى جهات حكومية أو منظمات. ففي بلد اللجوء أنت تعتمد على نفسك بشكل أساسي، لكن البعض ينجح في بناء شبكة علاقات جديدة و البعض يتمكن من الاحتفاظ بعلاقاته القديمة مع الأهل و الأصدقاء السعوديين فيستفيد منهم كثيرا.

العلاقة مع الأهل في السعودية ليست وجها واحدا. في إحدى حلقات مسلسل أطفال **** تدور القصة حول أسرة باكستانية لاجئة بألمانيا تقرر أن تزوج ابنتها القاصر رغما عنها خلال إجازتهم القادمة بباكستان. تكتشف الطفلة الأمر فتهرب من المنزل لتقيم مع أصدقائها الألمان الذين يشجعونها على الوعي بحقوقها و عدم الاستسلام لثقافة تزويج القاصرين. في المشهد الأخير تتعرض الفتاة لحادث سيارة فلا تجد من يساندها إلا والديها! هذه الفكرة صحيحة و أؤكدها من خلال نشاطي الحقوقي. فالأهل، في المعتاد، يقفون معك كأنك جزء منهم، أما الأصدقاء فغالبا تكون علاقتهم معك علاقة تبادل سواء كان تبادل عواطف أو تبادل مصالح.

وقوف الأهل بجانب أبنائهم هو أمر غريزي عالمي، لكن في السعودية يعتبر الأهالي أبناءهم أملاكا لهم. فغالبا يقدمون للفتاة كل ما تحتاجه من طعام و علاج و مواصلات لكنهم غالبا يسلبون منها الحق في الخروج من المنزل بحرية أو الدراسة بحرية أو العمل بحرية أو الزواج بحرية مهما بلغ عمرها. بل و أحيانا يرغمون الفتاة على القيام بالأعمال المنزلية غصبا عنها. فالمفارقة الغريبة هي أن الفتاة السعودية من الصعب أن تجد أحدا يخلص في مساندتها كأهلها و بنفس الوقت لن تجد أحدا يضطهدها كأهلها.

ربما يكون فقدان المتكأ هو أحد أسباب العودة من بلدان اللجوء إلى السعودية حيث يشعر اللاجئ فجأة أنه أصبح وحيدا في خضم تحديات الحياة.


صورة



التجارب متنوعة. فهناك من يقنع بالقليل، فأتذكر لاجئة نشرت أنها توفر من مبلغ الـ 8 جنية أسترليني الذي يُعطى أسبوعيا لطالب اللجوء ببريطانيا! و هناك من لا يكفيه الكثير، فأتذكر لاجئة كانت تدخل البار لتصرف 400 يورو في ليلة واحدة! فعليك أن تعرف نفسك قبل أن تطلب اللجوء لأنك إذا كنت ممن لا يكفيه الكثير فربما اللجوء لا يناسبك إلا لو كنت تملك ثروة أو وظيفة تغطي مصاريفك. و هناك من يرميه حظه في ملجأ سيء. و هناك من يحالفه الحظ بملجأ جيد. فعليك أن تستعد نفسيا لكل الاحتمالات و تذكِّر نفسك بأن فترة الملجأ فترة مؤقتة و لو وقعت في ملجأ سيء فحاول أن تجد طريقة لتنتقل إلى مكان أفضل. و هناك من يحصل على راتب لجوء لا يكفي إلا للأساسيات. و هناك من يحصل على راتب لجوء يغطي حتى مصاريف الترفيه. فإذا كان راتب اللاجئ يهمك فابحث عن البلد الذي يعطي راتبا أعلى للاجئ. و بعد الوظيفة هناك بلدان يكون فيها راتب الموظف منخفضا. و هناك بلدان يكون فيها راتب الموظف عاليا مثل سويسرا و النرويج و لوكسمبورغ. و هناك من لا يجد وظيفة ترضي طموحاته بسبب عدم امتلاكه لمؤهلات أو للغة بلد اللجوء. و هناك من يحصل على وظيفة جيدة بالحظ أو بسبب مؤهلاته و لغته. موضوعنا هنا أن الذين يعودون إلى السعودية لديهم أسبابهم التي تخصهم، فنحن نتفهم ذلك و نتفهم حنقهم على بلد اللجوء و تذمرهم من التجارب السيئة التي عاشوها، لكن من واجبنا أن نثقف الجميع بأن التجارب متنوعة فما يواجهه أحد اللاجئين ليس شرطا أن يواجهه لاجئ آخر.




ملاحظة: قصة كوب قهوة ستاربكس هي قصة واقعية للاجئة عادت للسعودية و نشرت على تويتر أن سبب عودتها هو عدم قدرتها على شراء كوب قهوة ستاربكس أثناء فترة طلب اللجوء.





صورة


صورة

صورة


آخر رفع بواسطة admin في 18/01/2023 9:05 pm



الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 89 زائراً