حكايتي مع الولاية

المطالبة بإسقاط الولاية الذكورية الجائرة على المرأة
صورة العضو الشخصية

كاتب الموضوع
admin
Site Admin
مشاركات في هذا الموضوع: 1
مشاركات: 5013
اشترك في: منذ 7 سنوات
كسبت: Locked
المكان: ****
تلقّى لايكات: 784 مرة
الجنس:
اتصال:

حكايتي مع الولاية

1#

مشاركة بواسطة admin » منذ 4 سنوات

في السنوات الأربعين الأولى من عمري لم أُدِرْ بالا لموضوع الولاية حتى أنك لو سألتني عنها لقلت لك أنني لا أعلم ما اسم الصك الذي يُستخرج للتحكم في قرارات المرأة المطلقة و الأرملة و اليتيمة. كنت أعلم بوجود ذلك الصك لكنه لم يدخل إلى وعيي كمسألة حقوقية لسببين: الأول أنني في محيطي الأسري لم أسمع عن أي حالة اضطهاد يمكن أن تشكل الولاية سببها الجذري بحيث لو أسقطنا الولاية لسقط الاضطهاد. و الثاني أنني منذ أن تركت الإسلام عام 1997 صارت المساواة بين الجنسين من بديهياتي بما في ذلك في الميراث و كنت أحسب الميراث هو القضية الكبرى لأنني لم أطلع على حالات كثيرة لاضطهاد المرأة ليس لأن الرجال من حولي منصفين للمرأة بل على الأرجح لأن النساء حولي متكيفات بشكل ما مع وضع الانتقاص من حقوقهن.

قبل ثلاث سنوات كان تويتر بالنسبة لي مجرد فوضى عارمة. فهو لا يحتوي على أفكار مركزة أو مواضيع محبوكة. لكن الكثيرين على الشبكة الليبرالية الحرة كانوا يطالبونني بافتتاح حساب على تويتر و هذا ما جعله خياري الأول في حالة إعلان ترك الإسلام. و قد تم ذلك يوم 5 مارس 2016 فافتتحت الحساب و غردت فورا مبشرا بطلوع فجر عصر التنوير و نهاية الإسلام. لم أكن أظن أنني سأكون بحاجة للدخول في تفاصيل التشريعات التي أعتبرها ملائمة لكرامة الإنسان فأنا أدعو إجمالا لنفس القوانين التي تراها في الغرب. غير أن الحوار على تويتر يستدرجك قسرا للدخول في أدق التفاصيل لدرجة أنني كنت أتعجب بشدة عندما أضطر مثلا لمحاولة إقناع الآخرين بالأسباب التي توجب علينا أن نجرّم ضرب الأطفال. نعم، كانت هناك بعض النساء من بنات عمي يجادلنني في ذلك على تويتر بعضهن علنا و بعضهن في الخاص مدافعات عن الحاجة لضرب الأطفال. شيئا فشيئا كنت أدرك أن علي أن أبدأ معهم من الصفر.

لنعد إلى اللحظات الأولى لافتتاح حسابي على تويتر. بعد نصف ساعة طلبت امرأة مني أن أدخل لها على الخاص. و قد كانت امرأة سعودية تقيم في أمريكا و تستفسر مني عن عملية اللجوء في ****. أخبرتني أن حسابي ظهر لها في مقترحات المتابعة و رأت في البيو أنني طالب لجوء بألمانيا و من هنا بادرت لطلب المساعدة مني. بعدها بأسبوع كتبت لي أمل الجبارة رسالة على العام تطلب فيها التواصل على الخاص، لكني لم أر رسالتها بسبب زحمة الهجوم الذي كنت أتصدى له من المسلمين. و بعدها بأسبوع آخر كررت أمل محاولتها ففتحت الخاص لها. خلال الشهرين اللاحقين أخذت الأمور منحى لم أكن أتوقعه. صرت أتواصل مع العديد من السعوديات اللاتي يطلبن مني معلومات عن اللجوء، و حيث أنني لا أعلم سوى القليل عن إجراءات اللجوء بألمانيا فقد قمت بافتتاح قروب تلغرام ضم الكثير من الساعين لطلب اللجوء و بعض تاركي الإسلام من المستريحين لحياتهم داخل السعودية. بعدها بشهرين تمكنت أمل من الفرار مع طفلتها إلى **** و بنفس الوقت تمكن وليد الأسمري من الوصول إلى كندا، فكان الحدثان بمثابة الثمرة الأولى لعمل مضنٍ قمنا خلاله بتجميع الكثير من المعلومات. لكن حالة أمل كانت مفصلية بخصوص موضوع الولاية حيث أنها وهبتنا الشعور بأن نجاح المرأة السعودية خصوصا لو أعلنت يسبب زلزالا في مجتمعها و ينعكس كضغوطات سياسية على الحكومة السعودية و ينشر الخبر بطريقة تثقف الأخريات بأن باب اللجوء مفتوح كطريق للحرية المسلوبة. في تلك اللحظة كانت الحاسبة تشتغل في دماغي: كل فتاة سعودية تهرب، خصوصا لو أعلنت، فسوف تؤدي إلى هروب خمس فتيات غيرها. و لن يكون من حل أمام الحكومة لإيقاف الطوفان إلا إسقاط الولاية و إعطاء المرأة كافة حقوقها.

كانت الوتيرة تسير بطيئة جدا لكن ذلك لم يثنني عن شيء. كنت أستقبل الرسائل على الخاص لكل من يريد معلومات عن اللجوء و أضم البعض إلى قروب تلغرام. ثم منذ منتصف 2016 بدأت أنشر التغريدات عن اللجوء لأصبح بذلك أول معارض سعودي في التاريخ يقدم المعلومات عن اللجوء علنا و بالتفصيل. ثم بدأت سلسلة من حالات مطاردة الفتيات السعوديات في بلدان الترانزيت في طريقهن لبلد اللجوء. دينا علي ثم أشواق و أريج ثم هديل و هيا ثم رهف القنون ثم مها و وفاء ثم دعاء و دلال. دينا انقطعت عن التواصل معي في فبراير 2017 ثم صحوتُ من النوم يوم 10 أبريل 2017 لأجد رسالة على تويتر من موضي الجهني تطلب مني المساعدة. وجدتُ بسهولة متبرعين بتكفلون بتكاليف المحامي لدينا علي لكني كلما اتصلتُ بمحام في الفلبين أقفل الخط في وجهي من شدة خوفه. أما المنظمات العالمية فكانت إما لا ترد على الهاتف أو تماطلني. و لم يهتم من الصحفيين حسبما أذكر سوى الصحافة الفلبينية في حينها. لكن الطريقة المروعة التي جرى بها اختطاف دينا علي، و هو الخبر الذي نشرتُه فورا نقلا عن ماريا نقلا عن امرأة شاهدت الاختطاف بعينها، كان أول هزة من نوعها تشد انتباه العالم إلى قضية اضطهاد المرأة السعودية. و تتالت الحالات لتبلغ ذروتها في قضية رهف القنون حيث سلطت القنوات العالمية عدساتها على الحادثة. و خلف الكواليس كان هناك أكثر من حالة مطاردة لم ننشر عنها شيئا لأن الحكومة السعودية فشلت في القبض على الفتاة الهاربة، كما أن هناك حالات أخرى سوف ننشر عنها في الوقت المناسب.

بعد حادثة دينا علي أنشأتُ المنتدى لكي أرتب المعلومات و أبوبها و أتيح المجال للآخرين ليدلوا بدلوهم، و قبل كل ذلك لكي تكون المعلومة متوفرة للكل بدون الحاجة للتواصل معي. و رغم انخفاض عدد الفتيات المعلنات بالاسم و الصورة على تويتر، إلا أنه من السهل أن تلاحظ زيادة عدد اللاجئات السعوديات سواء حسب الإحصائيات الأممية أو حسب النشاط على المنتدى أو على تويتر. و منذ حادثة رهف القنون شكلت اللاجئات السعوديات في الخارج جيشا يتحدث مع الإعلام و يفند كل مزاعم الحكومة السعودية أو مزاعم المسلمين بأن المرأة السعودية معززة مكرمة. و كلنا نعلم أن نيكي مناج ألغت حفلها في السعودية بسبب هذه الأخبار. لقد وجدت الصحافة العالمية مادة دسمة تمتع قرائها و تثقف السياسيين و الناشطين و المشاهير في بلدانهم بالوضع الحقوقي السيء للمرأة السعودية. و هذا هو ما التمع في ذهني بعد نجاح أمل الجبارة في الوصول إلى **** في مايو 2016. كل خبر يُنشر عن اضطهاد المرأة السعودية كان بمثابة تحقق لتوقعاتي. و بما أننا بلد تدار قراراته بضغوطات الخارج، فلا بد أن التغيير قادم بهذه الطريقة.

في منتصف الطريق تم السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة. و اليوم سُمح لها باستخراج جواز سفر و السفر بدون إذن من أي رجل. و غدا سيلغون شرط موافقة ولي الأمر في الزواج، و حتما سيأتي يوم تتساوى فيه المرأة مع الرجل في الميراث. و إلى ذلك الحين فإن التثقيف بحق اللجوء سيظل ضرورة. اللاجئة لا تستحق اللجوء إلا لأنها مضطهدة. و طالما استمر الاضطهاد سيتسمر اللجوء و ستستمر الضغوطات على الحكومة السعودية من الخارج حتى تعترف بالمساواة التامة بين الرجل و المرأة.



الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائران